الخميس، كانون(۱)/ديسمبر 12، 2024

مشروع البرنامج السياسي والاقتصادي-الاجتماعي حول الانتفاضة والمرحلة الانتقالية

  المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني
وثائق الحزب
أفرزت الانتفاضة الشعبية المجيدة التي انفجرت في 17 تشرين الأول الماضي واقعاً سياسياً جديداً في البلاد، حيث نزل إلى الشارع مئات آلاف المواطنين من كلّ المناطق والانتماءات للمطالبة بتغيير شامل للنظام الطائفي والرأسمالي الريعي الذي أدى إلى إفقار اللبنانيين وتهجير الشباب وإلى البطالة والتهميش، فيما راكم المتنفذون داخل السلطة الحاكمة، وفئة رأس المال المصرفي والريعي ثروات طائلة حتى باتت طبقة ال 1% تستحوذ على حوالي نصف الثروة الوطنية، وتوسعت الهوة الطبقية واللامساواة، فازداد الفقراء فقراً، وتراجعت مداخيل الطبقة العاملة وانهارت الطبقة الوسطى، وتدهورت الخدمات العامة من كهرباء وماء ونقل عام وطرق واتصالات وغيرها إلى مستويات مذلّة واستثنائية.

وفيما اندفع اللبنانيون إلى الشارع، وملأوا الساحات لأسابيع طويلة، واستعملوا كل أساليب الاعتراض والاحتجاج في كافة المناطق، كانت قوى السلطة تستمرّ في نفس ألاعيبها القديمة، محاولةً الحفاظ على مواقعها ومصالحها، ولم تكترث للمتغيّر الحاصل على المستوى الشعبي. بل على العكس من ذلك، اندفعت في هجمة شرسة لضرب الانتفاضة الشعبية عبر محاولات القمع والترهيب والتخوين، أو عبر ركوب الموجة ومحاولة استثمار نضالات الناس لمصالحها وحساباتها الضيقة.

هذا الواقع الجديد المتمثل بدخول لبنان مرحلة الانهيار الاقتصادي والنقدي، وبعجز قوى السلطة عن اجتراح أي حلول سياسية أو اقتصادية جديّة للواقع الجديد يعني عملياً الانهيار السياسي لمنظومة الحكم المذهبية التي حكمت البلاد منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، وبالتالي حتميّة إجراء تغيير جذري وشامل في بنية النظام القائم. إن المهمة المطروحة أمامنا اليوم هي مسألة تثوير الانتفاضة الشعبية نحو الثورة الوطنية الديمقراطية بمواجهة النظام الحاكم وأحزاب السلطة المسؤولة عن الانهيار الاقتصادي المأساوي الذي وصل إليه لبنان.

إن أزمة الرأسمالية هي ازمة عالمية تظهر تجليّاتها اليوم في تراجع النمو وتمركز الدخل والثروة في يد القلة والانهيار الاجتماعي للطبقات العاملة والوسطى وبالتالي ارتفاع حدة التناقضات الطبقية، سواء في الدول الرأسمالية المتقدمة أو في الدول النامية. وفي خضم هذه المرحلة الانتقالية تتفجّر الانتفاضات الشعبية رفضاً لعدم المساواة والتهميش والإفقار والاستغلال في دول عديدة في المنطقة العربية من العراق الى السودان كما في أميركا اللاتينية واوروبا..

إن إنهاء حالة الانقسام الطائفية وما يرافقها من شلل دستوري، ومعالجة تداعيات الانهيار الاقتصادي والمالي الشامل، تتطلّب تغييراً سياسياً جذرياً وفورياً، يبدأ من خلال مرحلة انتقالية تتشكّل فيها حكومة وطنية انتقالية من خارج المنظومة الحاكمة، تتبنى برنامجاً مرحلياً للإنقاذ الاقتصادي والتغيير السياسي، قائم على إصلاحات عميقة تؤسس لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية العلمانية، ولبناء اقتصاد التقدم والتطور والعدالة الاجتماعية الذي يلبي طموحات الشباب والمتعلمين والنساء والطبقات العاملة والوسطى بدلا من اقتصاد تسيطر عليه الاحتكارات والمصارف والرساميل الكبرى المستظلّة بنظام مذهبي تحاصصي متخلف ورجعي لا يليق بلبنان القرن الواحد والعشرين.

 

أولاً: في التغيير السياسي والبدء ببناء الدولة العلمانية

- إقرار قانون للانتخابات النيابية يعتمد النسبية على أساس لبنان دائرة واحدة وخارج القيد الطائفي مع اصلاح نظم الدعاية والاعلام والتمويل الانتخابي والمكننة وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة والكوتا النسائية بما يحدّ من تأثير الخطاب الطائفي والنفوذ المالي في العملية الانتخابية، ويؤمن أوسع تمثيل ممكن للقوى السياسية وينتج برلماناً جديداً يعمل على إصدار القوانين الضرورية لتطوير النظام السياسي اللبناني والنهوض بالاقتصاد والمجتمع. 

- اجراء انتخابات نيابية مبكرة تعيد تشكيل السلطة السياسية بعد ان اظهرت الانتفاضة ان السلطة القائمة تعاني من عجز في شرعيتها وشلل واضح على الصعد السياسية والاقتصادية مما يجعل الانتخابات المبكرة ضرورة وطنية وملحة في هذا المنعطف الخطير التي تمر به البلاد

- تطبيق المادة 22 من الدستور بانتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني ولا طائفي يستحدث مجلساً للشيوخ تتمثل فيه جميع الطوائف وتختصر صلاحياته في القضايا المصيرية.

- استحداث قانون مدني موحد للأحوال الشخصية، يتم تطبيقه بشكل اختياري ومؤقت ليتحول بعد عشر سنوات إلى قانون إلزامي، ووضع قانون وطني جديد للأحزاب

 

ثانياً: في محاربة الفساد

ان الفساد هو كامن في نظام المحاصصة الطائفية والصناديق المتفرعة عنه التي يجب الغاؤها وفي التوظيف الزبائني في الدولة الذي يجب الغاءه. كما يجب إقرار القوانين المتعلقة باستعادة الأموال العامة، وقانون استقلالية القضاء، ورفع الحصانة عن كل من يتولى الشأن العام، في الحكومة والمجلس النيابي والإدارات العامة، وتمكين القضاء العادي من محاسبة الارتكابات والمخالفات الإدارية والمالية. ان إقرار قانون استعادة الأموال العامة وإنشاء هيئة وطنية ذات صلاحيات تنفيذية وقانونية تشمل دراسة الملفات ورفع السرية المصرفية وتقديم المرافعات القضائية إلى القضاء المختص. وسيكون للهيئة مركزا وموازنة وجهاز قضاء وإداري كافيين لتنفيذ مهمتها في أسرع وقت ممكن.

 

ثالثاً: في إنقاذ الوضع النقدي والمالي

. إن لبنان يعاني من تفاقم أزمة نقدية ومالية هي جزء من أزمة اقتصادية أشدّ عمقا وشمولاً، وأبرز عواملها: طغيان الانشطة الريعية والقطاعات المتدنية الانتاجية غير القادرة على خلق الوظائف، وانهيار البنى التحتية ووظائف الدولة الأساسية، وغياب التقدم التكنولوجي والابتكار، والتفاوت الكبير في توزّع الدخل والثروة وتراجع العوائد الناتجة عن العمل بالتزامن مع ارتفاع متواصل في كلفة المعيشة. وقد انتجت هذه العوامل بطالة وهجرة وتهميشاً خصوصاً بين الشباب، وأضعفت بنسبة كبيرة القدرة الشرائية للعمال والأجراء والموظفين ولمروحة واسعة من الفئات الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة.

كما يعاني اقتصادنا ومجتمعنا من تزايد الافقار النسبي للطبقات الوسطى والعاملة التي تتحمل بشكل غير متساو - مقارنة بالطبقات الغنية - الأعباء الضريبية ومصاريف الصحة والتعليم والنقل والسكن. 

وفي المرحلة الانتقالية على السياسات أن تعمل على وقف شبح الانهيار النقدي الذي يلف البلاد حاليا عبر:

- البدء بأحداث تغيير لمنظومة السياسات التي اتُّبِعت في الاقتصاد اللبناني منذ عام 1992، وإعلان للأسواق والعملاء الاقتصاديين عن أن تلك المرحلة انتهت ولن يعود لبنان إليها. في هذا الإطار، يجب تغيير أصل النموذج القديم، وهي الاستدانة الحكومية وتراكم الرأسمال الريعي الناتج عنها. فالإنفاق الكبير الذي حصل منذ ذلك الوقت بالتزامن مع خفض الضرائب على الرأسمال، أدّى إلى تراكم الدَّيْن العام من جهة والثروة لدى القلّة من جهة أخرى. ومن دون هذا التغيير، فلا طائل في أي من السياسات، ولن يفيد لا الاتّكال على النموّ، ولا على التدفّقات الخارجية.

- العمل على حلّ معضلة الدين العام وتراكمه، وذلك عبر تحويل المصرف المركزي لسندات الخزينة اللبنانية التي يمتلكها إلى سندات ابدية من دون فائدةبطريقة تدرّجية. وهذا الأمر سيكون له وقع إيجابي جدّاً على موازنة الدولة اللبنانية. على أن يتمّ في المقابل وبموازاة ذلك، سحب المصارف لودائعها واستثماراتها لدى مصرف لبنان وإعادة إقراضها في الاقتصاد.

-التفاوض مع المصارف التجارية الحاملة لجزء كبير من الدين العام بالليرة اللبنانية وبالدولار ألأميركي على الغاء جزء كبير منه على ان يترافق ذلك مع عملية خفض موازية لقيمة الودائع المرتفعة والتي يملكها حوالي واحد بالمائة من المودعين.

- وضع قيود نظامية على رؤوس الاموال يمنع من خلالها التحويلات الكبرى الى الخارج ويحصرها بالحاجات التعليمية والمعيشية للطلاب في الخارج، بالإضافة إلى تكاليف الاستيراد والتجارة الخارجية.

-وضع تعرفات جمركية جديدة على السلع الكمالية المستوردة.

 

رابعاً: في النظام الضريبي

إن الاقتصاد اللبناني بحاجة الى استحداث نظام ضرائبي جديد يطال أساساً الثروات والأرباح، ويؤمن للدولة المداخيل التي تسمح لها بتمويل وظائفها الأساسية وخدماتها العامة، بدل التخلي عن هذه الوظائف لكبار الرأسماليين عبر الخصخصة كما جاء في "الورقة الاصلاحية" لحكومة الحريري المستقيلة او عبر ما يسمى "الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص"، الذي يخفي مطامع الاستيلاء على الأملاك والأصول العامة التي ينبغي أن تبقى ملكيتها للشعب. وعلى الحكومة اللبنانية بالتالي أن تقوم بتعديل النظام الضرائبي الحالي باتجاه اعتماد الضريبة التصاعدية لتحقيق عدالة ضريبية أكبر وتوسيع الوعاء الضريبي. إن المدماك الأساسي للنظام الضريبي الجديد يجب أن يتضمّن

• رفع معدل الضريبة على شركات الأموال الى 30%

• وضع ضريبة تصاعدية على الفوائد المصرفية بدءا من 7% وصولا الى 15%

• وضع ضريبة 2% على الثروة الصافية للأفراد فوق المليون دولار

• تعديل ضريبة الانتقال بحيث تصبح ذات معدل مسطح واحد يبلغ 45% (مع شطر اعفاء يبلغ 1 مليون دولار، بما يعفي عمليا الاكثرية الساحقة من الفئات الاجتماعية المتوسطة وما دون المتوسطة خصوصا في الأرياف من هذه الضريبة بخلاف ما هو قائم اليوم.

•فرض ضرائب على الربح العقاري وعلى مداخيل العاملين في الخارج وحصر أيّ زيادة ل TVAفي المواد الاستهلاكية الكماليةوإخضاع الأوقاف العائدة للمؤسسات الدينية للضريبة والغاء الاعفاءات الضريبية لشركات الهولدينغ وشركة سوليدير وكذلك "الاعفاءات التأجيرية" الممنوحة للكثير من مستخدمي املاك الدولة ووقف قنوات التهرب الضريبي عبر الشركات القابضة وغيرها.

ان هذا الاصلاح الضريبي لن يؤدي فقط إلى زيادة حصة الضرائب على الثروة والمداخيل العالية والأرباح، إنما أيضاً سيتيح تحصيل واردات متراكمة للدولة في السنوات العشر المقبلة بما يقدّر بعشرات المليارات من الدولارات، التي يمكن استعمالها في الاستثمار في البنى التحتية وتحديث بنى الانتاج التي تنهار حالياً. إن هذا الاقتطاع الضريبي لن يكون له تأثير سلبي على الاقتصاد، كونه يتمّ على حساب الشطور العالية من المداخيل والثروة التي تتكدس بلا طائل أو تنفق على الاستهلاك الكمالي المستورد، وبالتالي فان اقتطاعها ثم استخدامها في الاستثمار العام سيكون له تأثير مضاعف في تفعيل الاقتصاد وخلق فرص العمل ورفع الانتاجية بالإضافة إلى خفض الفائدة كنتيجة لخفض الدين العام، مما سيكون له أيضاً وقعاً ايجابياً على الاستثمار الخاص. 

 

خامساً: في سياسات المصرف المركزي

بعد ان تبين الدور المحوري لسياسات المصرف المركزي في انتاج الأزمة الاقتصادية والنقدية، فانه من المطلوب جعل سياسات مصرف لبنان أكثر استقلالاً عن المصالح الخاصة للنواة المصرفية الاحتكارية الضيّقة، وأكثر توافقاً مع مصالح الشعب اللبناني بالاستثمار المنتج والتوظيف في التطور الاقتصادي. ويكون ذلك عبر:

أولاً: إلزام مصرف لبنان بنشر الحسابات النظامية المفصّلة لأرباحه وخسائره للتمكن من الإحاطة بانعكاساتها على الحجم الحقيقي للدين العام

ثانياً: إقالة حاكم مصرف لبنان، وإخضاع سياسات المصرف المركزي للمحاسبة الديمقراطية من قبل مجلس النواب عبر جلسات استماع دورية للحاكم أمام اللجان المشتركة المعنية بالمال والاقتصاد؛

ثالثاً: تشريع الشفافية في عمل المصرف المركزي عبر إلزامه بالنشر الشهري لمحاضر جلسات المجلس المركزي ليطّلع النواب والرأي العام على كيفية إدارة السياسة النقدية وكيفية تحديد الفوائد من جانب مصرف لبنان

رابعا: تعديل المادة 70 بحيث تضاف أهداف النمو الاقتصادي والمحافظة على درجات عالية من التوظيف في الاقتصاد من حيث هي أهداف مستقلة تتساوى مع هدف المحافظة على قيمة النقد الوطني.

سادساً: في دور الدولة في الاقتصاد

العمل على استرداد دور الدولة الفاعل وتأكيد ملكيّة الدولة في الاقتصاد مثل الكهرباء والاتصالات والمياه والطاقةوعبر امتلاك رؤية اقتصادية بعيدة المدى وإعادة الاعتبار للموازنة العامة وللاستثمار الحكومي في تطوير واستكمال وصيانة المرافق العامة والبنى التحتية ، بحيث تغطي بصورة متوازنة المناطق اللبنانية المختلفة، هذا بالإضافة إلى توفير الخدمات المجتمعية الأساسية كالصحة والتعليم الرسمي والجامعة اللبنانية والنقل العام وأنظمة الرعاية الاجتماعية والتقاعد وضمان البطالة ودعم ذوي الحاجات الخاصة لتمكينهم من الاستمرار والانتاج.

في هذا الإطار، يجب ايضاً العمل على اعادة هيكلة النفقات العامة بحيث ينهي حقبة الأنفاق التوزيعي لنظام الطائف ويوقف توجه الموارد الحكومية نحو تمويل قنوات الزبائنية السياسية والقنوات المباشرة وغير المباشرة التي تدعم القطاع الخاص من دون سياسات واضحة المعالم في القطاعات المختلفة. على سبيل المثال، يأتي جزء من الإنفاق على الصحة كمدخول للقطاع الصحي الخاص من مستشفيات واطباء والمؤسسات في القطاع. كذلك ينتهي جزء من الإنفاق على التعليم، من خلال المنح التعليمية، في موازنات المدارس والجامعات الخاصة. وهناك بنود اخرى، كالإنفاق على المقاولات والتلزيمات وإدارة الاتصالات، التي كلها هي أيضا مداخيل للقطاع الخاص. من هنا، يجب تصحيح هذا الخلل في الانفاق العام نحو سياسة انفاق اكثر كفاءة وعدلا مبنية على اسس اقتصادية واجتماعية واضحة.

وعلى الدولة في ظل تراجع القيم الحقيقية للأجور في ظل السعر الموازي الجديد للدولار الأميركي وما استتبعه من زيادة في بعض الأسعار ان تحرك لجنة المؤشر من اجل تصحيح الأجور في القطاع الخاص

كما على الدولة مكافحة الأسباب الرئيسية لارتفاع كلفة المعيشة، وأهم هذه الأسباب يكمن في البنية الاحتكارية للأسواق الداخلية وأسواق الاستيراد واستمرار اختباء التجار خلف قانون التمثيل التجاري. وعلى الحكومة الالتزام بإصدار المراسيم لقانون حماية المستهلك وقانون سلامة الغذاء، وبإقرار مشروع قانون المنافسة ومكافحة الاحتكار

في هذا ألأطار، إن اعادة بناء وتحديث قطاع الكهرباء يجب أن يكون من أولويات المرحلة الانتقالية، حيث على الحكومة أن تعمل للاستحصال على القروض القليلة الكلفة من البلدان الصديقة، بهدف تمويل استثماراتها في هذا القطاع. وعلى الحكومة أن تحرص على استعمال وامتلاك التقنيات الحديثة اللازمة لتسريع انتقال معاملها من استخدام المحروقات السائلة الباهظة الكلفة إلى استخدام الغاز الأقل كلفة وضرراً بالبيئة، واستعادة كهرباء لبنان لأعمال الجباية وتقديم الخدمات، وصولاً إلى توفير الكهرباء بشكل مستدام للمواطنين، وإقفال ملفّ المولدات الخاصة الشديد الكلفة اقتصادياً وبيئياً. وإلى ذلك، عليها تشجّيع الاستثمار العام والخاص في تطوير تقنيات الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها.

كما عليها العمل على رفع مستوى تغطية شبكات الاتصالات والانترنت وجودتهما، وتخفيض الأسعار والرسوم الي تنتزعها وزارة الاتصالات لصالح خزينة الدولة.

إن بناء شبكة عصرية ومتطورة للنقل العام أصبحت حاجة ماسّة في ظل الازدحام اليومي وارتفاع كلفة النقل الخاص والتلوّث الناجم عنه، ما يستدعي إطلاق مشروع ضخم لبناء شبكات من القطارات والمترو والحافلات العامة المنتظمة بين كافة المناطق اللبنانية، مع ما تحمله من أثر إنمائي أيضاً.

كما التعامل مع الثروة النفطية والغازية، لا بصفتها مورداً مالياً وريعياً فقط، بل كرافعة أساسية للتنمية الاقتصادية، وبخاصة الصناعية منها، وكأداة فعلية للتنمية الاجتماعية ولتوطين واستيعاب التكنولوجيا

 

سابعاً: في المسائل السياسية الاخرى الملحة

في القضية الوطنية وبناء الدولة المقاومة

السعي لتحرير القرار السياسي للدولة اللبنانية من التبعية بحيث تصبح لدينا دولة مقاومة قادرة على مواجهة المشروع الصهيوني المعادي للبنان والمعادي لقيام الدولة المدنية العصرية فيه ، ودفاعاً عن الأرض والثروات، وتأكيداً لحق الشعب اللبناني الذي اكده عبر تاريخه في المقاومة . والمطلوب كأولوية تعزيز قدرات الجيش وتأمين مستلزماته العسكرية كافة، على أن تضطلع الدولة بمهمة التمويل دون انتظار الهبات المشروطة بأجندات سياسية من الخارج. هذه هي المنطلقات لتحرير باقي المناطق المحتلة ولتحصين الوحدة الداخلية وتقوية مناعتها وتأمين مقومات الصمود والمواجهة في القرى الحدودية.

 

في قضية اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين

على الحكومة اللبنانية ان تعمل على بلورة معالجات لقضية اللاجئين السوريين، ومن ضمنها العمل على عودتهم الى بلدهم، بالتعاون مع الامم المتحدة والحكومة السورية. كما عليها أن تكافح مختلف أشكال الحملات والممارسات العنصرية ضد السوريين والفلسطينيين والأجانب. كذلك يجب أن تواصل الحكومة اللبنانية الضغط على المنظمات الدولية بهدف تأمين استمرار التمويل الدولي لمساعدتهم، ومساعدة المجتمعات المحلية الحاضنة لهم.

يجب على الحكومة اللبنانية أن تمنح اللاجئين الفلسطينيين في لبنان حقوقهم المدنية الأساسية التي تكفلها المواثيق والاتفاقات الدولية، ومن موقع الأخوّة والتضامن بين الشعبين، وفي طليعتها حق العمل والتعليم والاستشفاء، وذلك بهدف تحسين اوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.

 

في السياسة الخارجية

على الحكومة اللبنانية استحداث سياسة خارجية جديدة، تتمحور حول الانفتاح على العالم المتعدد الاقطاب، ويأخذ لبنان من خلالها دوره السياسي الفعّال في مواجهة الأحادية الاميركية، وادانة وتطويق العسكرة الامبريالية المتصاعدة، والتدخلات الخارجية وسياسة العقوبات والحصار الاقتصادي، واحترام خيارات الشعوب في سعيها المشروع لتحقيق أهدافها في التحرّر الوطني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. وهي مطالبة بتمتين علاقاتها مع القوى السياسية التقدمية، ومع الدول الصاعدة سياسياً واقتصادياً وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية، من أجل تحقيق المصالح المشتركة بين لبنان وتلك الدول.

كما عليها دعم القضية الفلسطينية، وخيارات الشعب الفلسطيني وحقه بالمقاومة ووقف الاستيطان، والتمسك بالأرض وحق العودة وتقرير المصير وبناء الدولة الديمقراطية العلمانية على كامل فلسطين التاريخية، في مواجهة السياسات الصهيونية التي تسعى إلى إرساء يهودية الدولة وترسيخ الاستيطان وتهجير الشعب الفلسطيني.

وعلى الحكومة دعم الحلّ السياسي للأزمة السورية، بما يحفظ وحدة أراضيها ويحترم الحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية الكاملة لكافة المكونات القومية، ضمن الدولة السورية الديمقراطية الموحدة التي يختارها الشعب السوري، وإدانة العقوبات الاقتصادية والتدخلات الخارجية في شؤونها، واستعادة العلاقات السياسية والاقتصادية معها.

على الحكومة عدم النأي بالنفس، واستخدام طاقاتها السياسية والدبلوماسية في توفير الحلول للقضايا العربية وكل اشكال التكامل الاقتصادي مع الدول العربية بما يحقّق التنمية والعدالة الاجتماعية ويضمن مصالح الشعوب والأمن والاستقرار، بخاصة في سوريا واليمن وليبيا والعراق وغيرها.

 

 

المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني

15 كانون الثاني 2020